الذكاء الاصطناعي عبر التاريخ
كلنا تفاجأنا بهذا الانفجار التقني الذي أحدثه ظهور الذكاء الاصطناعي الى العلن، وبعضنا كان يعتقد أن انه بدأ مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي و أدواته، لكن الحقيقة أن هناك مسيرة تمتد لعقود من عمر هذه التقنية، في هذه المقالة نتعرف على مسيرة تطورها و أهم المحطات بدءا من الرؤية الفلسفية، و لغاية وقتنا هذا و المساهمين في تطوير هذا النظام افرادا او كيانات
اقرأ أيضا: أنواع الذكاء الاصطناعي
الجذور الفلسفية والأفكار المبكرة
تروي الأساطير اليونانية القديمة أن أحد آلهة الإغريق (هيفايستوس) قد قام بصنع تمثال برونزي عملاق (تالوس) مهمته حماية جزيرة كريت، كما تحدثت الأساطير اليونانية الأخرى عن تماثيل قادرة على الحركة و التفكير، هذه الاساطير و ان كانت خيالية إلا أنها تعكس الرؤية التاريخية لدى الإنسان لخلق كيانات تشبهه و تحاكي عقله و قدراته، وفي هذه المقالة نستعرض مراحل هامة من عمر الذكاء الاصطناعي شكل بعضها قفزات نوعية ومراحل مفصلية في هذه المسيرة.
البداية الفلسفية الحديثة - آلان تورينغ
عندما نبحث عن بداية الذكاء الاصطناعي في عصرنا الحالي نجد اختلافا بين المصادر، هناك من يقول ان البداية كانت مع ٱلان تورينغ (1950) و منهم من يعتبر البداية مع جون مكارثي (1956), و المقولتين كلاهما صحيح، حيث ان البداية مع آلان تورينغ كانت بداية نظرية فلسفية، حين كتب مقاله الشهير : Computing Machinery and Intelligence الآلات الحاسوبية و الذكاء) طرح فيها مقولة (إذا لم يستطع الإنسان التمييز بين محادثة مع آلة أو مع إنسان يمكن اعتبار الآلة ذكية)، وهذا ما يطلق عليه اليوم اختبار تورينغ
البداية الرسمية - جون مكارثي 1956
أما من يقول ان البداية كانت من جون مكارثي فهو يقصد البداية الرسمية و اطلاق التسمية الحالية (الذكاء الاصطناعي) رسميا، ففي عام 1956 انعقد مؤتمر علمي في جامعة دارتموث بالولايات المتحدة جمع عددا من العلماء والمبرمجين المهتمين بهذه الفكرة الجديدة.
وخلال المؤتمر طرح العالم الأمريكي جون مكارثي (John McCarthy) مصطلح (Artificial Intelligence) الذكاء الاصطناعي، ليُصبح لاحقا أحد مؤسسي هذا المجال، و سمي جون مكارثي (ابو الذكاء الاصطناعي)، وبعد مكارثي شهدت مسيرة الذكاء الاصطناعي محطات عديدة بين صعود و هبوط، أبرز هذه المحطات :
تقلبات بين صيف و شتاء
الصعود الأول (1956 - 1970)
بعد جون مكارثي (1956) ارتفع سقف الطموحات نحو بناء آلة تفكر، و ظهرت برامج مثل (Logic Theorist) لحل مسائل منطقية، برنامج (Eliza) و هو برنامج محادثة بدائي ظهر عام 1966
الهبوط الأول (1970)
توقف التمويل في الولايات المتحدة وبريطانيا إثر النتائج المخيبة للآمال بسبب ضعف الحواسيب و عدم قدرتها على معالجة وحل المشكلات المعقدة.
الصعود الثاني (1980)
ظهرت الأنظمة الخبيرة (Expert Systems) : مثل MYCIN في الطب تشخيص الأمراض، شكل هذا حافزا للشركات الكبيرة للاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي
الهبوط الثاني (1990)
الأنظمة الخبيرة المكلفة والمعقدة في الصيانة لم تستطع التكيف مع المشاكل، أدى ذلك إلى هبوط جديد، حيث فقدان الثقة و تقليل الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي
الصعود الثالث (2000 - 2010)
هذه الفترة شهدت الصعود الثالث للذكاء الاصطناعي بفضل ثلاث عوامل رئيسية : البيانات الضخمة (Big Data) و المعالجات الرسومية (GPU) و خوارزميات التعلم العميق (Deep Learning).
إنجازات مهمة : (2011 - 2016)
2011 : فوز IBM Watson في برنامج Jeopard
2012 : قفزة في التعرف على الصور(ImageNet)
2016 : AlphaGo يهزم بطل العالم في لعبة Go
الصعود الأكبر (2020 الى الآن)
GPT-3) 2020) : قدرات هائلة في إنتاج النصوص.
ChatGPT) 2022) : وصول الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة التفاعل المباشر مع الناس، و لايزال الذكاء الاصطناعي يشهد تطورات كبيرة و سريعة تمثلت بظهور النماذج اللغوية الكبيرة، ودخول الذكاء الاصطناعي الى مختلف المجالات و الاستخدامات
رواد في تاريخ الذكاء الاصطناعي
آلان تورنغ (Alan Turing)
يعتبر الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، رغم وفاته قبل صياغة المصطلح، إلا أن أفكاره الأساسية وضعت حجر الأساس للمجال، كان من أبرز مساهماته (اختبار تورنغ)، وهو اختبار يهدف إلى تحديد ما إذا كانت الآلة قادرة على التفكير مثل الإنسان.
جون مكارثي (John McCarthy)
هو الشخص الذي صاغ مصطلح ( الذكاء الاصطناعي) عام 1956، يعرف بكونه أحد مؤسسي المجال، كما أنه ابتكر لغة البرمجة (Lisp) والتي كانت لغة رئيسية في أبحاث الذكاء الاصطناعي لسنوات عديدة.
مارفن مينسكي (Marvin Minsky)
شارك في مؤتمر دارتموث الشهير عام 1956، ويعرف بأنه أحد مؤسسي مختبر الذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، ركزت أبحاثه على كيفية تمثيل المعرفة في الآلات .
إدوارد فيجِنباوم (Edward Feigenbaum)
يعتبر الأب الروحي للأنظمة الخبيرة (Expert Systems)، ساهمت أبحاثه بشكل كبير في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في تطوير برامج حاسوبية قادرة على اتخاذ القرارات وحل المشاكل المعقدة في مجالات محددة .
جيفري هينتون (Geoffrey Hinton)
يلقب بالأب الروحي للتعلم العميق، مساهماته في مجال الشبكات العصبية لا تقدر بثمن، خاصة في تطوير خوارزمية الانتشار الخلفي (Backpropagation)، وهي المبدأ الأساسي الذي يمكن الشبكات العصبية من التعلم .
يوشوا بنجيو (Yoshua Bengio)
يعد أحد رواد تقنية التعلم العميق، جنبا إلى جنب مع هينتون ويان ليكون، ركزت أبحاثه على الشبكات العصبية المتكررة (RNNs)، وأعماله ساهمت في تطور نماذج اللغة الطبيعية
يان ليكون (Yann LeCun)
الرائد الثالث في مجال التعلم العميق، يعرف بمساهماته الجوهرية في تطوير الشبكات العصبية الالتفافية (CNNs)، وهي التي أحدثت ثورة في مجال رؤية الكمبيوتر ومعالجة الصور.
ديفيد روملهارت (David Rumelhart)
شارك في صياغة خوارزمية الانتشار الخلفي (Backpropagation) في الثمانينيات، وهو ما كان له دور كبير في إحياء الاهتمام بالشبكات العصبية بعد فترة من الركود في المجال
أندرو نغ (Andrew Ng)
أحد أبرز الشخصيات في الذكاء الاصطناعي المعاصر، شارك في تأسيس مشروع Google ويعرف بجهوده الكبيرة في نشر المعرفة بالتعلم الآلي والتعلم العميق من خلال الدورات التعليمية المفتوحة عبر الإنترنت.
ديميس هاسابيس (Demis Hassabis)
هو أحد مؤسسي شركة DeepMind التي استحوذت عليها جوجل، قاد فريقا لتطوير برامج ذكاء اصطناعي متقدمة مثل AlphaGo الذي هزم بطل العالم في لعبة Go، وAlphaFold الذي توقع بنية البروتينات
كيانات رائدة في تاريخ الذكاء الاصطناعي
اقرأ أيضا: مقدمة في علم الخوارزميات
مختبر أبحاث ستانفورد (Stanford AI Lab)
تأسس عام 196، ويعد من أقدم وأشهر مراكز أبحاث الذكاء الاصطناعي في العالم، كان له دور محوري في تطوير الروبوتات والرؤية الحاسوبية، وتخرج منه العديد من رواد المجال
مختبر الذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT AI Lab
تأسس عام 1959، وهو مركز رئيسي للأبحاث الأكاديمية، ساهم في وضع العديد من الأسس النظرية والتطبيقية للذكاء الاصطناعي، خاصة في مجالات الروبوتات والبرمجة
جوجل (Google)
أصبحت من أكبر اللاعبين في المجال بفضل استثماراتها الهائلة، قادت جهودا في تطوير نماذج اللغة الكبيرة مثل LaMDA PaLM وتعتبر منتجاتها (مثل مترجم جوجل، ومساعد جوجل) أمثلة عملية على تطبيقات الذكاء الاصطناعي .
ديب مايند (DeepMind)
شركة بريطانية استحوذت عليها جوجل، تعرف بابحاثها الرائدة في التعلم المعزز، حيث طورت برامج مثل AlphaGo الذي هزم بطل العالم في لعبة Go، وAlphaFold الذي ساهم في حل مشكلة طي البروتينات.
أوبن إيه آي (OpenAI)
شركة أبحاث أمريكية أحدثت ثورة في المجال بمنتجاتها التوليدية، اشتهرت بتطوير نماذج مثل GPT-3 GPT-4 التي تستخدم في تطبيقات مثل ChatGPT بالإضافة إلى نماذج توليد الصور مثل DALL-E.
مايكروسوفت (Microsoft)
تعد شريكا استراتيجيا لأوبن إيه آي، وتستخدم تقنياتها في العديد من منتجاتها مثل Microsoft 365 وAzure AI، كما أن لديها فرق أبحاث قوية ساهمت في تطوير الرؤية الحاسوبية ومعالجة اللغة الطبيعية .
فيس بوك إيه آي ريسيرش (Facebook AI Research - FAIR)
فريق أبحاث تابع لشركة ميتا (Meta)، يعرف بمساهماته المفتوحة المصدر في مجالات مثل التعلم العميق، ورؤية الكمبيوتر، ومعالجة اللغة
آي بي إم (IBM)
منذ مؤتمر دارتموث، كانت آي بي إم لاعبا رئيسيا طورت نظام Deep Blue الذي هزم بطل العالم في الشطرنج عام 1997، كما أن لديها أنظمة متقدمة مثل Watson الذي يستخدم في الرعاية الصحية والتحليلات.
إنفيديا (NVIDIA)
تعد من أهم الشركات في المجال ليس في الأبحاث، بل في الأجهزة، تعرف بإنتاج وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) التي أصبحت العمود الفقري لحوسبة الذكاء الاصطناعي، خاصة في تدريب نماذج التعلم العميق .
ابل (Apple)
ساهمت بشكل كبير في دمج الذكاء الاصطناعي في المنتجات الاستهلاكية، تعرف بأنظمة مثل Siri و Face ID، وتستخدم الذكاء الاصطناعي في العديد من تطبيقاتها مثل معالجة الصور والتوصيات.
اڨرأ أيضا: خطر الذكاء الاصطناعي العاطفي

تعليقات
إرسال تعليق