أنواع الذكاء الاصطناعي

صورة توضح أنواع الذكاء الاصطناعي


 تتعدد أنواع الذكاء الاصطناعي بحسب التصنيف، سواء كان تصنيفا بحسب القدرات، او المهام و التخصصات أو غيرها ، لكن اشهرها هو الأجيال الثلاثة للذكاء الاصطناعي و التي تتداخل مع تصنيفات أخرى وضعها الباحث في علوم التكنولوجيا اروند هينتس و التي سنعرضها في هذه المقالة

الأجيال الثلاثة للذكاء الاصطناعي

لغاية كتابة هذه السطور فإننا لا نزال نعيش في عصر الجيل الأول من أجيال الذكاء الاصطناعي الحديث، و المرحلة الأولى من مراحل تطوره، و كل ما يشهده العالم اليوم من تطورات تقنية هو من تأثيرات هذه المرحلة ونقصد الذكاء الاصطناعي الضيق او الضعيف (Narrow AI) و هو احد الانواع الثلاثة بحسب التصنيفات الرسمية (الضيق و العام و الفائق)، وهذه التصنيفات اعتمدها العلماء على أساس حجم القدرات لكل نوع

الذكاء الاصطناعي الضيق او الضعيف

 (Narrow AI)

الذكاء الاصطناعي الضيق ويعرف أيضا بالذكاء الاصطناعي الضعيف، ويطلق عليه ضيق لأنه غير قادر على أداء أكثر من مهمة واحدة، مثلا Gemini او ChatGPT كنموذج لغوي كبير يستطيع أن ينتج نصوصا بسرعة هائلة و لكنه لا يستطيع أن يقود سيارة، و نظام القيادة الآلي لا يستطيع أن يتنبأ بالطقس أو يشخص الأمراض، و هذا النوع من الذكاء الاصطناعي لا يملك وعيا أو شعورا و بالتالي فهو غير قادر على الابتكار الذاتي او الابداع، و ان استطاع إنتاج أنماط جديدة فهي ليست مبتكرة و لكنها أنماط مخزنة في قاعدة بياناته يقوم بتحليلها واعادة إنتاجها بتركيبة جديدة، فلو كان في قاعدة بياناته آلاف الكتب على سبيل المثال و طلب منه تصنيفها بحسب التخصصات فهو ينفذ هذا الأمر ببراعة، و يتعلم فينتج أنماطا أخرى للتصنيف (حسب عدد الصفحات، حسب الاحرف الابجدية .. الخ)، بل انه قادر على إنتاج كتاب لو طلب منه و لكن ليس من فكرة ذاتية أو شعور ذاتي او فهم، هي اعادة تركيب عبارات و تجميعها الى فقرات ثم فصول ثم إنتاج الكتاب وفق أنماط لنصوص تعلمها سابقا بطرق التعلم و من المهم أن نفهم الفرق بين الذكاء الاصطناعي الضيق (الحالي) و الذكاء الاصطناعي العام (المستقبلي) بالاضافة الى فكرة ان الذكاء الاصطناعي الضيق لا يستطيع القيام بأكثر من مهمة واحدة على عكس العام الذي يمكنه القيام بمهام متعددة، و هذا هو الفارق الأهم و الهدف الأكبر الذي يطمح العلماء للوصول إليه وهو (الفهم و الادراك)، فالذكاء الاصطناعي الضيق يمكنه تأدية مهامه ببراعة ولكن بدون فهم للمهمة و أبعادها و طبيعة (الهياكل و العناصر و البيئة) التي يتعامل معها، مثال : يستطيع إخراج صورة قطة من بين آلاف الصور لحيوانات اخرى لانه تعلم سابقا أن هذه الصورة هي لقطة و لكنه لا يفهم ما هي القطة الا اذا تمت برمجته مسبقا بتعريف مفصل للقطة (حيوان اليف، يموء، صياد، يحب اللعب .. الخ) حينها لو سألناه لاحقا ماهو صوت القطة فهو لا يعرف الإجابة الصحيحة، أما الذكاء الاصطناعي العام فهو يملك الفهم ليعطيك المعلومات الكاملة دون برمجة مسبقة لكل نوع.

الذكاء الاصطناعي العام

  (Artificial General Intelligence) 

الذكاء الاصطناعي العام هو مستوى (لا يزال قيد التطوير) متقدم، يمتلك القدرة على الفهم و التعلم و تطبيق المعرفة والمهارات لحل المشاكل ومنها المشاكل الفكرية، تماما مثل الإنسان، وأهم ما يميزه عن الذكاء الصناعي الضيق أنه لا يقتصر على أداء مهمة واحدة، بل انه يستطيع أداء عدة مهام مختلفة، ومن أهم مميزاته:

 التعلم والتفكير : يمكنه تعلم أي مهمة جديدة ذاتيا دون الحاجة الى اعادة برمجته، مثلا لو اننت اعطيناه صورة قطة و طلبنا منه معلومات عن هذا الحيوان فإنه سيعطينا تفاصيل كاملة، وفي المرة الثانية اعطيناه صورة حيوان او أي كائن آخر، ايضا سيفعل  الشيء نفسه دون حاجة الى اعادة برمجته مرة اخرى كما هو الحال مع سلفه الذكاء الاصطناعي الضيق، لان هذا النوع يمتلك القدرة على التفكير و الفهم الذاتي .

 المرونة والتكيف : يستطيع التكيف مع بيانات و مواقف جديدة و غير مألوفة، بمعنى انه لا يقتصر على أداء ما تعلمه فقط، ففي حالة الذكاء الاصطناعي الحالي (الضيق) لو اننا قمنا بتدريب هذا النموذج على قيادة السيارة في مدينة معينة و في ظروف جوية ومناخية معينة فانه يستطيع أداء مهمته وفق هذا التدريب، فيما لو تم نقله الى مدينة اخرى و حدثت عواصف مثلا و أمطار غزيرة فهو لا يستطيع التكيف مع هذه الظروف المناخية الصعبة، و يحتاج ايضا لاعادة تدريب على شوارع وأنظمة المرور في المدينة الجديدة، أما في الذكاء الاصطناعي المستقبلي (العام) فإنه يمكنه التكيف وإعادة برمجة نفسه على شوارع وأنظمة المرور في المدينة الجديدة تلقائيا و التعامل مع الظروف المناخية المتقلبة،لأنه يمتلك الإدراك و الفهم اللازم سواء إدراكه لذاته أو للبيئة التي يعمل بها، و يمتلك القدرة على (التعميم) أي يمكنه تعميم معرفته من بيئة إلى أخرى، و (الاستدلال) أي أنه يستطيع الاستدلال من المعلومات المتوفرة له و يتخذ قرارات منطقية، و يمكنه ايضا (التعلم السريع) بحيث يتعلم أداء المهمة بسرعة فائقة،

  الفهم الشامل : يستطيع فهم الروابط بين المفاهيم المختلفة، وإيجاد حلول مبتكرة للمشاكل التي لم يتم تدريبه عليها مسبقا بقدرات تفوق قدرات الذكاء الاصطناعي الضيق بمراحل.

لكن حتى الآن، الذكاء الاصطناعي العام لا يزال مفهوما نظريا، ولم يتم تطويره بشكل كامل، و جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي الموجودة حاليا، بما في ذلك الأنظمة الأكثر تقدما، هي في الواقع تطبيقات الذكاء الاصطناعي الضيق، و العلماء والباحثون يعملون حاليا على تحقيق هذا الهدف، ويعتبرونه الخطوة الكبرى التالية في مسيرة تطور الذكاء الاصطناعي، و لابد من التنويه هنا ان الحديث عن الوعي و الادراك لا يكون بالمعنى البشري لهذين المفهومين، انما وعي و ادراك رقمي ناتج عن تعقيدات في الشبكة العصبية للنظام كما هو متوقع.

إقرأ أيضا: حقيقة المشاعر لدى الذكاء الاصطناعي 

 الذكاء الاصطناعي الفائق

(Super Artificial Intelligence)

الذكاء الاصطناعي الفائق هو مستوى افتراضي من الذكاء الاصطناعي يتجاوز بكثير ذكاء الانسان في جميع المجالات، بما في ذلك الابداع العلمي، و الحكمة العامة، والمهارات الاجتماعية، فإذا كان الذكاء الاصطناعي العام متساويا مع البشر فهذا النوع هو متفوق بمراحل على البشر، و من أهم خصائصه وقدراته : 

  القدرة على التعلم الذاتي : حيث يمكنه تحسين نفسه بشكل مستمر وبسرعة هائلة، مما يؤدي إلى ما يعرف بالانفجار الذكائي (Intelligence Explosion)  

 الوعي والإدراك : يفترض أن لديه القدرة على إدراك ذاته وما حوله، مما يجعله كيانا مستقلا 

 حل المشكلات المعقدة : سيكون قادرا على حل أكبر التحديات التي تواجه البشرية، مثل الأمراض المستعصية، تغير المناخ، واستكشاف الفضاء وغيرها من العلوم، ولكن لا يزال الذكاء الاصطناعي الفائق هو مفهوم نظري بالكامل في الوقت الحاضر، لم يتم تطويره بعد، ويعتبره الكثيرون مستقبل الذكاء الاصطناعي، بينما يرى آخرون أنه قد يمثل خطرا قادما، إذا لم يتم التحكم فيه بشكل صحيح

إقرأ أيضا: الذكاء الاصطناعي عبر التاريخ 

تصنيفات للذكاء الاصطناعي من حيث القدرة (تصنيفات هينتس)

  بالإضافة إلى التصنيفات الرئيسية للذكاء الاصطناعي (ضيق، عام، وفائق) كاجيال متلاحقة، هناك تصنيفات أخرى (غير رسمية) تعتمد على المهام والوظائف و القدرات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أداؤها، وهي تصنيفات تشكل نظرية وضعها الباحث في علوم التكنولوجيا أروند هينتس (Arend Hintze) يقسم الذكاء الاصطناعي إلى أربعة أنواع، و الجدير بالذكر أن تصنيفات هينتس هي بمثابة إطار نظري يستخدم اليوم لشرح المستويات المختلفة للذكاء الاصطناعي، لكن فكرة الذكاء الاصطناعي العام والذكاء الاصطناعي الفائق أقدم بكثير

الآلات التفاعلية (Reactive Machine)

هي أبسط أنواع الذكاء الاصطناعي، لا تمتلك ذاكرة أو قدرة على التعلم من تجارب الماضي، وظيفتها الوحيدة هي الاستجابة للمدخلات الحالية بشكل فوري وفقا لقواعد محددة مسبقا.

 مثال على ذلك مباراة الشطرنج بين بطل العالم كاسباروف و نظام (IBM) من Deep Blue التي انتصر فيها هذا النظام، و كان يحلل لوحة الشطرنج بدون ذاكرة لمباريات سابقة

الذاكرة المحدودة (Limited Memory)

هذا النوع من الذكاء الاصطناعي يمكنه استخدام بيانات من الماضي القريب لاتخاذ قرارات في الوقت الحاضر، وهو قادر على تذكر المعلومات لفترة قصيرة، مما يجعله أكثر تعقيدا من الآلات التفاعلية، مثل : السيارات ذاتية القيادة، التي تستخدم بيانات من المستشعرات كسرعة السيارات الأخرى والمسافة بينها لاتخاذ قرارات القيادة اللحظية، معظم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الحالية تندرج تحت هذا التصنيف.

  نظرية العقل (Theory of Mind)

هذا النوع لا يزال نظريا بالكامل، يهدف إلى أن يكون لديه القدرة على فهم المشاعر والمعتقدات والأفكار والنوايا البشرية، إنه يمثل خطوة نحو التفاعل الاجتماعي الحقيقي بين الإنسان والآلة، مثال روبوت يمكنه فهم لماذا يشعر شخص ما بالحزن ويقدم له المساعدة أو الدعم العاطفي اللازم.

الوعي الذاتي (Self-Awareness)

هو المستوى الأكثر تقدما ونظرية، يمتلك هذا الذكاء الاصطناعي وعيا بذاته ووجوده، تماما كالبشر، سيكون لديه مشاعر ووعي خاص به، مثل روبوت يدرك أنه موجود، ويفكر في طبيعة وجوده، وله أهداف ورغبات خاصة به، هذا النوع لا يزال من وحي الخيال العلمي.

إقرأ أيضا: تصنيفات متقدمة للذكاء الاصطناعي 

تعليقات

المشاركات الشائعة