مقدمة في خوارزميات الذكاء الاصطناعي


مبرمج يطور خوارزمية

أولا: الجذور التاريخية للخوارزميات 

 جذور ما قبل الخوارزمي

عرفت البشرية الخوارزميات قبل قرون من ظهور اسم الخوارزمي، رغم أنها لم تكن تحمل اسما محددا، لكنها كانت طريقة تفكير لحل المشاكل عند البشر عبر تاريخها، و كانت هذه الخوارزميات مجرد (وصفات) عابرة في حياتهم اليومية، ولم تعرف بكونها مفهوما علميا قائما بذاته كما هو حالها اليوم، فالمصريون القدماء استخدموا خوارزميات لحساب مساحة الحقول، والبابليون استخدموا خوارزميات فلكية للتنبؤ بحركة النجوم، وربما أشهر مثال على ذلك هو خوارزمية أقليدس التي وضعها العالم الإغريقي إقليدس في القرن الثالث قبل الميلاد، لحساب القاسم المشترك الأكبر بين عددين. 

محمد بن موسى الخوارزمي

في القرن التاسع الميلادي، ومن قلب بغداد، جاء العالم العربي المسلم أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي، ليغير وجه التاريخ، لم يكن مجرد عبقري في الرياضيات، بل كان منظرا ومبسطا، قام بتقديم نظام الأرقام الهندية العربية إلى العالم الإسلامي من خلال كتابه الشهير (حساب الجبر والمقابلة)، وقد كان أهم ما قدمه هو طريقة تطبيق الأرقام العشرية (0-9) في العمليات الحسابية بطريقة منظمة ومحددة، هذه الطريقة كانت أسرع وأبسط بكثير من أنظمة العد الرومانية التي كانت سائدة في أوروبا، وقد أطلق الأوروبيون على هذه التقنية الجديدة اسم (Algorismu) أو (Algorism)، نسبة إلى اسم الخوارزمي.


العالم العربي الخوارزمي

انتشار الفكرة

من بغداد، انتشرت أفكار الخوارزمي كالنار في الهشيم، ترجمت أعماله إلى اللاتينية، وأصبح مصطلح (Algorism) يمثل فن الحساب باستخدام نظام الأرقام، كان المصطلح مقتصرا في البداية على هذا المعنى الحرفي، لكن مع مرور القرون، أخذ في التوسع ليشير إلى أي مجموعة من الخطوات المنطقية لحل مشكلة ما، في العصر الفيكتوري، عملت عالمة الرياضيات (آدا لوفليس) مع المهندس (تشارلز باباج) على محركاته الميكانيكية، وكتبت ما يعتبر اليوم أول خوارزمية حاسوبية في التاريخ، في ذلك الوقت بدأت كلمة (algorithm) أكثر تألقا و شهرة في الإنجليزية لتمثل هذا المفهوم الحديث

الخوارزمية في العصر الرقمي

في منتصف القرن العشرين، مع ظهور أول أجهزة الكمبيوتر، أصبح مصطلح (الخوارزمية) شائعا بشكل واسع، وارتبط هذا العلم بالكمبيوتر ارتباطا وثيقا فهو يعتمد عليها كـ(وصفة) لتنظيم عمله، فبدلا من أن يقوم المبرمج بتوجيه كل جزء من الجهاز، بات يزوده بخوارزمية متكاملة للتعامل مع المشكلة، تطورت الخوارزميات في هذا العصر لتشمل كل شيء، من فرز البيانات (Sorting) إلى البحث (Searching)، ومع ظهور الإنترنت في أواخر القرن العشرين، أصبحت الخوارزميات هي العصب الحقيقي للعالم الرقمي.

ثانيا: مفهوم الخوارزمية و أهميتها

مفهوم الخوارزمية

الخوارزميات في مفهومها البسيط هي الخطوات المنطقية و المرتبة التي يحددها المطور او المبرمج للنظام لكي يتبعها في تنفيذ أمر محدد في عملية معينة .
تشبيه : لو أنك أردت من طفلك أن يحضر لك كأس ماء، تقول (أحضر لي كأس ماء) هذا أمر، لكن لو كان طفلك لايعرف كيف ينفذ هذا الأمر فتقول له (اذهب الى المطبخ، افتح الباب، افتح باب الثلاجة، أحضر كأسا…. الخ) هذه مجموعة أوامر منطقية ومتسلسلة بما يمثل خوارزمية لتنفيذ امر احضار كأس الماء.

أهمية الخوارزميات في علوم الحاسوب

الخوارزميات ليست مجرد أدوات لحل المشكلات، بل هي العمود الفقري لعلوم الحاسوب بأكملها. إنها تحدد كفاءة وقدرة أي نظام أو تطبيق على العمل. في الحوسبة الحديثة، تكمن أهمية الخوارزميات في قدرتها على إدارة الموارد، وتسريع العمليات، وضمان سلامة المعلومات.
فيما يلي أهم مجالات تأثير الخوارزميات:

1. تحسين الأداء

الخوارزميات هي التي تحدد كفاءة البرنامج وسرعته. حيث ان اختيار خوارزمية جيدة يمكن أن يقلل الوقت اللازم لتنفيذ مهمة معينة من أيام إلى ثوان، و تضمن الخوارزميات الفعالة استخداماً أمثل لموارد الجهاز (مثل الذاكرة والمعالج)، مما يؤدي إلى زيادة سرعة التطبيقات وتقليل استهلاك الطاقة.

2. إدارة البيانات

في عصر البيانات الضخمة،(Big Data) تحتاج الشركات والمؤسسات إلى أدوات فعالة لفرز، وتخزين، واسترجاع كميات هائلة من المعلومات، و الخوارزميات هي التي تنظم قواعد البيانات وتسهل عمليات البحث داخلها. على سبيل المثال، خوارزميات الفرز والبحث تضمن أن تصل إلى معلومة معينة في جزء من الثانية، حتى لو كانت مخزنة ضمن مليارات البيانات.

3. بناء التطبيقات الذكية

الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لا يمكن أن يوجدا بدون خوارزميات معقدة. هذه الخوارزميات هي التي تسمح للأنظمة بالتعلم من البيانات، واتخاذ القرارات، وتحديد الأنماط. وهي التي تُمكن التطبيقات من التعرف على الوجوه، والترجمة الفورية، وتقديم التوصيات في التجارة الإلكترونية.

4. الأمن والتشفير

تُستخدم الخوارزميات لضمان أمن وخصوصية المعلومات. فالتشفير هو عملية تحويل البيانات إلى صيغة غير قابلة للقراءة إلا لمن يملك مفتاح فك التشفير. و هي التي تحمي معاملاتنا البنكية على الإنترنت، وتؤمن رسائلنا الشخصية، وتضمن عدم وصول الأطراف غير المصرح لها إلى بياناتنا الحساسة.

ثالثا: أنواع الأوامر

ليس كل أمر برمجي يتطلب خوارزمية لتنفيذه، فهناك الأوامر البسيطة التي تنفذ بشكل مباشر من قبل معالج الكمبيوتر (CPU) دون الحاجة إلى مجموعة خطوات معقدة، هذه الأوامر يمكن تسميتها بشكل مجازي (الأمر ذو الخطوة الواحدة). 
في المقابل هناك أوامر يحتاج تنفيذها الى خطوات محددة ومتسلسلة يزيد عددها أو ينقص بحسب النوع و الهدف من الخوارزمية، نعدد فيما يلي نماذج لثلاثة أنواع من الأوامر التي يتطلب تنفيذها خوارزميات معينة ولكن قبل ذلك نعرف بالأمر البسيط الذي لا يحتاج تنفيذه لخوارزمية

1. الأمر البسيط (The Simple Command)

أمر تعيين قيمة (Assignment) مثل (x = 5)، الأمر يخبر المعالج أن يضع القيمة 5 في موقع الذاكرة المخصص للمتغير x.
أمر طباعة (Print) مثل print (مرحبا)، هذا أمر مباشر يطلب من نظام التشغيل عرض سلسلة من الأحرف على الشاشة.
مثل هذه الاوامر لا تتطلب أي خوارزمية لتنفيذها، حيث يقوم المعالج بتنفيذ الأمر في خطوة واحدة ومباشرة.

2. الدوال (Functions)

الدالة هي أمر برمجي يأخذ اسما محددا ليجمع مجموعة من الأوامر المتعددة، هذه الأوامر مجتمعة تشكل خوارزمية مغلفة على شكل دالة
 تشبيه : اذا كنت في كل مرة تقول لطفلك (أحضر لي كأس ماء بارد من الثلاجة، اذهب الى المطبخ…) فهذا أمر، ولو أنك وضعت اسما مختصرا لهذا الأمر لكي لاتكرره في كل مرة، بتفاصيله الطويلة، فسميته (أحضر_الماء) و طفلك عندما يسمعه يحضر لك كأس ماء بارد من الثلاجة دون الحاجة الى سماع كل التفاصيل، فهذه الأوامر التي تم اختصارها في أمر واحد (أحضر_الماء) اسمه دالة، وفي التطبيق البرمجي دالة (احسب_المساحة) على سبيل المثال هي ترجمة لهذا المفهوم، و الخوارزمية هنا هي خطوات تنفيذ هذا الأمر الذي جاء على شكل دالة. كما في المثال :


دالة احسب المساحة

 تفاصيل خوارزمية دالة (احسب_المساحة) مساحة المستطيل
اسم الدالة (Function Name) : احسب_المساحة
المهمة (The Task) : حساب مساحة شكل هندسي (في هذه الحالة، مستطيل).
المدخلات (Inputs) : لكي تعمل الدالة، يجب تزويدها ببيانات محددة، في حالة المستطيل، نحتاج إلى مدخلين :
الطول (Length) العرض (Width)
الخوارزمية (The Algorithm) : هذه هي الخطوات المتسلسلة و المحددة التي تتخذها الدالة داخلياً :
استقبل قيمة الطول.
استقبل قيمة العرض.
قم بضرب الطول في العرض.
خزن نتيجة عملية الضرب في متغير جديد يسمى النتيجة.
أعد (Return) قيمة النتيجة كمخرج للدالة.
المخرج (Output) : القيمة الرقمية التي تمثل مساحة المستطيل
نستنتج هنا أن عددا من الاوامر تم جمعها و تغليفها بشكل دالة، لسهولة و سرعة الاستخدام و منع التشويش و التكرار.

الفرق بين الدالة و الإجراء

في علوم الحاسوب، كانت الدالة تعرف تقليديا في اللغات البرمجية الكلاسيكية مثل Pascal أو Ada على أنها كتلة من الأوامر تقوم بحساب قيمة وإرجاعها (Return)، وإذا لم يكن هناك استرداد (إرجاع) لقيمة و كان الهدف فقط هو تنفيذ إجراء أو تغيير حالة ما (مثل طباعة نص أو حفظ ملف)، كانت تصنف هذه الأوامر على أنها إجراءات (Procedures).
تشبيه : لو انك طلبت من طفلك احضار كأس من الماء (أحضر_الماء) سيكون هناك ما تسترده من هذا الأمر وهو كأس الماء، في هذه الحالة يشكل الأمر دالة، اما لو قلت لطفلك (اذهب للنوم) سينفذ الأمر و لكنك لن تسترد منه شيئا، فيصبح الامر (اجراء).
لكن، في بيئات ولغات البرمجة الحديثة مثل Java و Python وغيرهما، تم دمج المفهومين في مفهوم الدالة الواحد. فلم يعد (استرداد القيمة) شرطاً لتسمية كتلة الأوامر هذه دالة. فكلتاهما (الدالة التي ترجع قيمة والإجراء الذي لا يرجع قيمة) تغلف و تستدعى تحت اسم الدالة. 

3. أوامر المكتبات (Library Commands)

هي أوامر جاهزة تأتي ضمن مكتبات برمجية، وتستخدم لإنجاز مهام معقدة بكتابة أمر واحد فقط، مثال : أمر الفرز مثل(sort)، وهو يستدعي خوارزمية فرز كاملة ومعقدة (الفرز السريع) تم برمجتها مسبقا. وهذه الاوامر قد تكون دوال او خوارزميات او أشكال أخرى من الأوامر، قام مطورون و مبرمجون بتصميمها و أرشفتها لتكون مرجعا يستفيد منه المبرمج توفيرا للوقت و الجهد .

4. وظائف الكائنات (Object Methods)

في البرمجة الشيئية، يمكن أن تكون الأوامر عبارة عن وظائف مرتبطة بكائنات معينة، وهي تقوم بتنفيذ مهام متقدمة جدا، مثال : في مشروع للذكاء الاصطناعي، قد يكون لديك كائن اسمه face_detector. الأمر(face_detector.recognize) يبدو بسيطا، ولكنه يستدعي خوارزمية معقدة للغاية لتحليل الصورة والتعرف على الوجوه.

رابعا: طرق تمثيل الخوارزميات

 كما أن فهم الآلة للخوارزمية يتطلب تحويلها الى كود برمجي، فانه من الضروري تشكيل هذه الخوارزميات بأشكال و تمثيلات يفهمها المبرمج لتساعده على اختبار المنطق والتأكد من صحة الخوارزمية قبل البدء في كتابة الكود الفعلي، فيما يلي أشهر الطرق لتمثيل الخوارزمية

1. اللغة الطبيعية (Plain Language)

وهي أبسط طريقة لتمثيل الخوارزمية، حيث تُكتب الخطوات بالتسلسل باستخدام اللغات البشرية (العربية أو الإنجليزية.. الخ).
الميزة: سهولة الفهم لأي شخص، حتى لو لم يكن مبرمجا.
مثال: 1.استقبل قيمة (الطول) وقيمة (العرض) - 2.اضرب الطول) في (العرض) - 3.أعلن النتيجة.

2. المخطط الانسيابي (Flowchart)

هو تمثيل بصري للخوارزمية باستخدام أشكال هندسية موحدة (مثل المستطيل للعمليات، والمعين للقرارات) وخطوط وسهام تظهر تسلسل تدفق البيانات والقرارات المنطقية.
الميزة: مثالي لتوضيح التدفق المنطقي للخوارزمية وتحديد نقاط القرار والتكرار.

3. الكود الزائف (Pseudocode)

وهو التمثيل الأكثر شيوعا بين المبرمجين، يجمع هذا الأسلوب بين اللغة الطبيعية والكلمات المفتاحية الأساسية للبرمجة (IF, THEN, LOOP). إنه يصف خطوات الخوارزمية بالتفصيل المنطقي دون الالتزام بقواعد نحوية أو لغوية محددة لأي لغة برمجة.
الميزة: يسمح للمبرمج بالتركيز على المنطق الخالص وتصميمه، ويمكن تحويله بسهولة إلى أي لغة برمجة لاحقا.

4. طرق إضافية 

هذه الطرق تستخدم في سياقات معينة أو في مراحل متقدمة لتصميم الأنظمة والخوارزميات:
التمثيل بالجدول (Truth Tables): تستخدم لتمثيل المنطق البولياني (المنطق الثنائي الذي يعتمد على صحيح أو خطأ) في الخوارزميات، وتساعد في تصميم الدوائر المنطقية.
مخططات النشاط (Activity DiagramsUML): وهي جزء من لغة النمذجة الموحدة (UML)، وتستخدم لتمثيل تدفق العمل (Workflow) أو عمليات نظام معقدة بخطواتها المتوازية والمتفرعة.
التمثيل الرياضي: تستخدم المعادلة الرياضية لتمثيل الخوارزميات التي تعتمد على صيغ رياضية محددة. مثال: المعادلة الرياضية التي تحسب المسافة بين نقطتين.

خامسا: خصائص الخوارزميات

لكي تعتبر مجموعة من الخطوات خوارزمية صحيحة، يجب أن تستوفي خمسة شروط أو خصائص أساسية. هذه الخصائص هي بمثابة معايير عالمية تضمن أن الخوارزمية قابلة للتنفيذ، وتنتج نتائج واضحة، ولن تقع في حلقة لا نهائية.
فيما يلي أهم هذه الخصائص:

1. المحدودية (Finite)

يجب أن تنتهي الخوارزمية بعد عدد محدود من الخطوات. لا يُمكن لأي خوارزمية أن تعمل إلى الأبد، فمهما كانت المشكلة معقدة، يجب أن تصل الخوارزمية إلى نقطة النهاية وتعلن عن النتيجة.
مثال: إذا كانت الخوارزمية تحتوي على حلقة تكرارية (Loop) لا يوجد لها شرط إيقاف، فإنها لن تُعتبر خوارزمية صحيحة لأنها غير محدودة.

2. الوضوح (Definite)

يجب أن تكون كل خطوة في الخوارزمية واضحة ومحددة ولا تحتمل أي لبس أو تفسير مزدوج. يجب أن يُعرف بوضوح ما يجب القيام به في كل مرحلة.
مثال: أمر (اضرب الرقم س في الرقم ص) واضح ومحدد. أما أمر (زد السرعة قليلاً) فهو غامض وغير واضح لأن كلمة (قليلا) نسبية وبالتالي لا يصلح أن يكون خطوة في الخوارزمية.

3. المدخلات (Inputs)

يجب أن تستقبل الخوارزمية صفر أو أكثر من المدخلات المحددة بشكل جيد. هذه المدخلات هي البيانات الأولية التي تحتاجها الخوارزمية للبدء في معالجة المشكلة.
مثال: دالة احسب_المساحة يجب أن تستقبل مدخلين: الطول والعرض. و خوارزمية عرض الوقت الحالي لا تحتاج إلى مدخلات (صفر مدخلات)

4. المخرجات (Outputs)

يجب أن تنتج الخوارزمية مخرجا واحدا على الأقل يمثل حل المشكلة. يجب أن تكون هذه المخرجات نتائج واضحة ومحددة.
مثال: المخرج في خوارزمية احسب_المساحة هو القيمة الرقمية للمساحة. إذا كانت الخوارزمية تعمل بدون إنتاج أي نتيجة، فإنها لا تعتبر خوارزمية.

5. الفعالية (Effective)

يجب أن تكون كل خطوة في الخوارزمية فعالة وقابلة للتنفيذ نظريا وعمليا. هذا يعني أنه يجب أن تكون العمليات الأساسية التي تُكوّن الخوارزمية بسيطة وقابلة للتنفيذ في وقت معقول باستخدام الأدوات المتاحة.
مثال: يجب أن تكون العمليات الأساسية مثل الجمع، والضرب، والمقارنة، كلها عمليات يمكن تنفيذها بدقة بواسطة المعالج. أما عملية تتطلب (تخمين الرقم الصحيح بشكل فوري) فلا تعتبر فعالة.

سادسا: التصنيفات العامة للخوارزميات

اقرأ أيضا: تصنيفات متقدمة للذكاء الاصطناعي 

يمكن تقسيم الخوارزميات إلى مجموعات رئيسية بناء على الهدف الذي تسعى لتحقيقه وطبيعة المشكلة التي تحلها. هذه التصنيفات هي بمثابة فروع الشجرة الكبيرة لعلوم الحاسوب، ويُعد كل فرع منها عالما بحد ذاته.
فيما يلي أهم التصنيفات التي تُغطي أغلب مجالات عمل الخوارزميات:

1. خوارزميات الفرز (Sorting Algorithms)

وظيفتها الأساسية هي تنظيم البيانات أو العناصر في قائمة بترتيب محدد (تصاعدي أو تنازلي).
مثال: ترتيب قائمة أسماء أبجديا، أو ترتيب قائمة أسعار من الأرخص إلى الأغلى.

2. خوارزميات البحث (Searching Algorithms)

تستخدم هذه الخوارزميات للعثور على عنصر محدد داخل مجموعة من البيانات، وتعتبر أساسا لأي نظام معلومات.
مثال: عندما تبحث عن اسم ملف معين على جهاز الكمبيوتر الخاص بك، فإن خوارزمية بحث هي التي تقوم بهذه المهمة.

3. خوارزميات الرسوم البيانية (Graph Algorithms)

تتعامل هذه الخوارزميات مع البيانات التي يمكن تمثيلها في شكل شبكة من النقاط والروابط بينها.
مثال: خوارزميات تحديد أقصر مسار بين مدينتين على الخريطة (كما في تطبيقات الملاحة)، أو تحليل الروابط بين المستخدمين على شبكات التواصل الاجتماعي.

4. خوارزميات التشفير (Cryptography Algorithms)

تهدف هذه الخوارزميات إلى تحويل البيانات من شكلها الأصلي المقروء إلى شكل مشفر وغير مفهوم، والعكس صحيح (فك التشفير)، لضمان أمان المعلومات وخصوصيتها.
مثال: حماية كلمات المرور، وتأمين المعاملات البنكية عبر الإنترنت.

5. خوارزميات الذكاء الاصطناعي (AI Algorithms)

وهي الخوارزميات التي تمكن الآلات من التعلم، واتخاذ القرارات، والتنبؤ، ومحاكاة السلوك البشري. 
مثال: الخوارزميات التي تستخدم لتدريب نموذج للتعرف على الوجوه أو التنبؤ بأسعار الأسهم.

سابعاً: الخوارزميات في حياتنا اليومية

بعد أن استعرضنا تاريخ الخوارزميات وأنواعها وخصائصها النظرية، من الضروري أن نرى كيف تعمل هذه القواعد المنطقية في العالم الحقيقي. إن الخوارزميات هي القوة الخفية التي تدير معظم الخدمات الرقمية التي نستخدمها يوميا، من تحديد مسارات رحلاتنا إلى اقتراح أفلام نشاهدها.
فيما يلي أمثلة لأبرز المجالات التي تعتمد كلياً على الخوارزميات:

1. تطبيقات الـ GPS (نظام تحديد المواقع)

عندما تطلب من تطبيق الملاحة تحديد طريقك، فإن الخوارزمية تبدأ في العمل فوراً.
دور الخوارزمية: تستخدم خوارزميات الرسوم البيانية (Graph Algorithms)، مثل خوارزمية ديجكسترا (Dijkstra's Algorithm)، لحساب أقصر مسافة وأسرع وقت ممكن للوصول إلى وجهتك، مع الأخذ في الاعتبار حركة المرور الحالية وأعمال الطرق.

2. شبكات التواصل الاجتماعي

الأخبار والمنشورات التي تراها على صفحتك الرئيسية ليست عشوائية، بل هي نتيجة عمل خوارزميات معقدة.
دور الخوارزمية: تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحديد المحتوى الأكثر أهمية بالنسبة لك بناء على تفاعلاتك السابقة (ما أعجبت به، وما علقت عليه، ومدة بقائك على منشور معين)، وبالتالي تضمن بقاءك أطول فترة ممكنة على المنصة.

3. محركات البحث

عندما تكتب كلمة أو جملة في محرك البحث، فإن النتيجة الفورية والدقيقة التي تحصل عليها هي معجزة خوارزمية.
دور الخوارزمية: تستخدم خوارزميات الترتيب والتصنيف (Ranking Algorithms)، مثل خوارزمية PageRank الشهيرة من Google، لفرز مليارات صفحات الويب وتقديم النتائج الأكثر صلة وموثوقية في جزء من الثانية.

4. التجارة الإلكترونية والتوصيات

عندما تتسوق عبر الإنترنت، فإن اقتراحات المنتجات التي تظهر لك (مثل (عملاء اشتروا هذا المنتج اشتروا أيضاً...) ليست صدفة.
دور الخوارزمية: تعتمد على خوارزميات التعلم الآلي (Machine Learning) لتُنشئ لك ملفا شخصيا يعتمد على مشترياتك السابقة، وسلوكك الشرائي، وتفضيلات العملاء المشابهين لك، لتقديم توصيات تزيد من احتمالية شرائك.

ثامنا: طرق التعلم الرئيسية في الذكاء الاصطناعي

اقرأ أيضا: أنواع الذكاء الاصطناعي 

تصنف الخوارزميات التي تستخدم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي في مجموعات رئيسية بناء على طريقة تزويدها بالبيانات وكيفية تقييم أدائها. ويعد فهم هذه الطرق مفتاحاً لرحلة التعلم في عالم الخوارزميات.

1. التعلم الخاضع للإشراف (Supervised Learning)

هو أشبه بالتعلم بوجود معلم أو مشرف، يتم تزويد النموذج ببيانات مصنفة ومعلمة مسبقا (أي، يتم إخباره بماهية كل مثال)، يتعلم النموذج العلاقة بين المدخلات والمخرجات المصنفة، ويتم تصحيحه في كل مرة يخطئ فيها.
الهدف: التنبؤ بمخرجات محددة ودقيقة (مثل التنبؤ بسعر منزل أو تصنيف صورة إلى (قطة) أو (كلب)على سبيل المثال.

2. التعلم غير الخاضع للإشراف (Unsupervised Learning)

هو عملية التعلم بدون معلم أو بيانات مصنفة، يتم إعطاء النموذج بيانات خام، ووظيفته هي العثور على الأنماط والعلاقات والهياكل المخفية داخل هذه البيانات بمفرده.
الهدف: اكتشاف المجموعات المتشابهة في البيانات (التجميع)، أو تبسيط البيانات (تقليل الأبعاد).

3. تعلم التعزيز (Reinforcement Learning)

هي طريقة للتعلم تقوم على مبدأ المحاولة والخطأ في بيئة محاكاة أو حقيقية، يتخذ النموذج إجراء معينا، ويتلقى مكافأة (Reward) إذا كان الإجراء صحيحا أو عقوبة (Penalty) إذا كان الإجراء خاطئا.
الهدف: تعلم أفضل سلسلة من الإجراءات للوصول إلى هدف طويل المدى (مثل تدريب روبوت على المشي أو نظام لإدارة المخزون)
.

اقرأ أيضا: حقيقة المشاعر لدى الذكاء الاصطناعي 




 



تعليقات

المشاركات الشائعة